ثقافة
أخر الأخبار

"متاهة" بشريه داخل مترو أنفاق نيويوركى


“مترو الأنفاق” 1950 لـ”جورج توكر”[ 1920 -2011] أكثر فناني أمريكا غموضاً فى القرن العشرين وأطلق عليه مصور القلق العصرى وعزلة الانسان..
“مترو الأنفاق” يُظهر مقطع من داخل مترو للأنفاق متعدد الطوابق والزوايا والأركان والممرات ليظهر كشبكه متداخله فى حدة وصرامة البناء كجزءا من مشهد نيويوركى عمره ثلاثة أرباع قرن كاشفاً عن جانب يومى للحياة العصرية المُشبعه بالوحده فى المدن الكبرى..
النفق يضم اشخاص متجهون لكل الإتجاهات والمستويات هبوطاً..وتتوسط اللوحة إمرأة مرتدية الأحمر وبالطو أزرق وتبدو حاملاً ممسكة ببطنها ودون كل شخوص اللوحة تتجه نحونا فى حالة أقرب للفزع وألوان ملابسها الحمراء توافقت وعصبية نظراتها والتى تتسق مع الجدران والأسوار الحديدية التى كونت ما يشبه المروحة تحيط بالمرأة..وأيضا يحيطها رجال عابرون بمعاطفهم البنيه الدرجات ينظر بعضهم إليها فى فضول..ربما قصد الفنان أن يُظهر التهديد المحاصر للوجود الأنثوى مستضعفاً وسط الرجال فى مكان معزول معظمه ذكورى لكننا نرى أيضا الرجال فى حالة شرود على هيئة مستضعفة يائسه..
هذا الطابق الملقى داخله بشر بلا اتجاه يجمعهم يوحى بالبرودة والعزلة حتى الإختناق بجدرانه والأعمده والممرات الضيقة كالبلا نهاية ذات الأسقف المنخفضة والمتساقطه فى تتالى عبر الممر فى العمق وأسوار معدنية رأسيه وأفقيه تتشابك بشكل مشوش ومحاصر..وإلى يمين اللوحة الأركان محصوره فى شبكة من ظلال وخطوط متقاطعة للمشابك المعدنية الدواره لمرور الجسد خلال فتحاتها الرأسية ونرى ثلاث سيدات يعبرن القضبان المتعاكسه كأنهن ينفذن لداخل مصغر متاهة دائمة الدوار حول نفسها تؤدى للا مكان..
تبدواللوحة كأننا داخل مسرحية من القلق وعدم التجانس شخوصها يتجولون بشكل غريب فى عالم غامض..ونستشعر بنقاط تلاشى متعددة فى المكان ونقاط مشتته من البشر أيضاً فى نفس المكان..ليوحيا بأن الوضع غير آمن خاصة والكبائن إلى يسار اللوحة داخلها شخوص متلصصين كأننا داخل سجن شديد الحراسة..وعلى الجانب الآخر فى عمق اللوحة عبر الممر البارد نستشعر وكأننا داخل مستشفى على جانبيها غرف ثلاجات حفظ الموتى..حتى الشخوص العابرون تبدو ألوان وجوههم ونظراتهم التائهة كأنهم خارجون تواً من ثلاجاتها..
شخوص اللوحه رغم ضيق المكان وإنخفاض السقف يبدون على هيئات نحتية ضخمه غامضه يرتدون الدرجات البنية وبوجوه ملساء تشبه الأقنعة كأنهم ساكنوا خارج الزمن رغم أن الفنان وضعهم فى بيئات حديثة معاصرة..ولغة أجسادهم تعبر عن الآليه اليائسة..ورغم حركتهم إلا أنها تبدو بطيئة وثقيله بتوهان النظر والرتابه والحماس المفقود يبدون متشابهين وبرودة الجدران مما أحدث حاله توافق بين المكان وعابريه..
نلاحظ بألم ان وجوه شخوص”مترو الأنفاق” مُحمله بالبعثرة النفسية كأنهم تركوا وعيهم ومشاعرهم تواً خارج المحطة..
فاطمة على

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى